سياسات المركزي السوري بين الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي ومخاطر الركود

رادار سوريا | أثار عميد كلية الاقتصاد في جامعة دمشق، الدكتور علي كنعان، جدلاً واسعًا بعد انتقاده الحاد لسياسات البنك المركزي السوري، معتبرًا أن اعتماد استراتيجية “تجفيف السيولة” للحفاظ على استقرار سعر الصرف قد ألقى بظلاله السلبية على الاقتصاد الوطني، مما عمّق الركود الاقتصادي وأضعف القدرة الشرائية للمواطنين.
في تصريحاته، أوضح كنعان أن سياسة تقييد السيولة أدت إلى تراجع الاستثمارات وتباطؤ النشاط التجاري، حيث تسببت في لجوء المستثمرين إلى صناديق خاصة بدلًا من البنوك، ما أدى إلى خروج النقد من الدورة الاقتصادية، وهو ما يعتبر سببًا رئيسيًا في تفاقم الأزمة الاقتصادية. ورأى أن الاستمرار في هذه السياسة بعد سقوط النظام يشكل خطراً على جهود إعادة بناء الاقتصاد السوري، مطالبًا بإلغاء الإجراءات التي تقيّد عمليات السحب والإيداع وإعادة ضخ الأموال في الأسواق المحلية لدفع عجلة الاقتصاد.
ودعا كنعان إلى إعادة هيكلة إدارة النقد الأجنبي، بحيث يتم حصر تصريف الدولار في شركات الصرافة والبنوك، واتخاذ إجراءات صارمة ضد المضاربين في السوق السوداء. كما شدد على أن الهدف الأساسي للبنك المركزي يجب أن يكون تحقيق استقرار سعر الصرف وليس رفعه بشكل يؤدي إلى زيادة الاستيراد وخروج النقد الأجنبي، داعيًا إلى دعم الإنتاج المحلي للحد من الاعتماد على الواردات والحفاظ على احتياطيات العملة الصعبة.
أما فيما يتعلق بجذب الاستثمارات، فقد أشار كنعان إلى ضرورة استعداد البنك المركزي للمرحلة المقبلة، حيث يتطلب إنعاش الاقتصاد السوري توفير سيولة كافية بالليرة السورية لدعم المستثمرين العائدين وتمكينهم من إنشاء مشاريع جديدة. ووفقًا لتقديراته، فإن عودة 10% فقط من المستثمرين السوريين في الخارج والذين تقدر استثماراتهم بحوالي 250 مليار دولار يمكن أن تضيف 25 مليار دولار إلى الاقتصاد الوطني، ما قد يسهم في إعادة إنعاش القطاع المالي ودفع عجلة النمو الاقتصادي.
تصريحات كنعان تفتح باب التساؤلات حول مدى قدرة السلطات المالية على التحرك بمرونة لمواكبة المرحلة الجديدة، خاصة في ظل التحديات المتعلقة بإعادة الإعمار والاستقرار النقدي. فهل ستتجه دمشق نحو سياسات نقدية أكثر تحفيزية، أم أن العقلية التقشفية ستظل تسيطر على النهج الاقتصادي في المرحلة القادمة؟