تقارير

رويترز تكشف إمبراطورية اقتصادية سرّية يقودها شقيق الشرع تحت غطاء التسويات

ادار سوريا – دمشق | خاص
في تحقيق استقصائي واسع، كشفت وكالة رويترز عن وجود لجنة اقتصادية تعمل في الظل داخل سوريا الجديدة، يقودها شخصيات تحمل ألقابًا حركية وأدوارًا غير معلنة، وعلى رأسهم شقيق الرئيس أحمد الشرع، حازم الشرع، بالتعاون مع شخصية غامضة تُعرف باسم أبو مريم الأسترالي.

تقرير رويترز بعنوان: “سوريا تعيد تشكيل اقتصادها سرًّا… وشقيق الرئيس هو من يدير اللعبة”، يكشف كيف استحوذت هذه اللجنة خلال سبعة أشهر على أصول اقتصادية تتجاوز قيمتها 1.6 مليار دولار من رجال أعمال مرتبطين بالنظام السابق، في تسويات غير شفافة تجنّبت القضاء مقابل أموال ونفوذ.

«اللجنة»: رجال ببدلات وسلاح مخفي

تتألف اللجنة من رجال يحملون ألقابًا حركية، أبرزهم أبو مريم (الاسم الحقيقي: إبراهيم سكرية أسترالي من أصل لبناني مدرج على لائحة العقوبات)، وأبو عبد الرحمن (اسمه الحقيقي: مصطفى قديد كان خبازًا وتحول لقائد مالي في إدلب ثم دمشق). يعمل هؤلاء ضمن منظومة خارج الدولة الرسمية، وينسقون بين الملفات المالية، التسويات، والرقابة على المصارف.

بحسب رويترز، فقد سيطر أبو عبد الرحمن على الطابق الثاني من مصرف سوريا المركزي بعد سقوط دمشق، وأصبح يعرف بـ”الحاكم في الظل”، رغم نفي الحاكم الرسمي عبد القادر الحصرية لذلك.

تغييرات هيكلية: من واجهات الأسد إلى واجهات الشرع

بدأت اللجنة عملها من فندق الفور سيزونز، الذي أُفرغت بعض مرافقه لاستضافة الاجتماعات الليلية. لاحقًا، انتقلت اللجنة إلى مكاتب ياسر إبراهيم، مستشار الأسد الاقتصادي السابق، والذي فرّ إلى الإمارات.

اعتمدت اللجنة نهج التسويات لا المصادرة ولا القضاء، لتفادي ترهيب المستثمرين أو الوقوع في فخ فساد القضاء السوري القديم. فبدلًا من المحاكمات، عُقدت صفقات ضخمة مع رجال أعمال بارزين مثل:

  • سامر فوز: تنازل عن 80% من أصوله، منها مصفاة سكر ومنشآت حديد، مقابل الحصانة.
  • محمد حمشو: سلم أصولًا بأكثر من 640 مليون دولار، بما فيها مصنع لمعالجة معادن مأخوذة من بلدات مدمّرة.
  • عصام شموط (مالك “شام وينغز”): دفع 50 مليون دولار وتنازل عن طائرتين، وأُنشئت شركة طيران بديلة باسم “فلاي شام”.

شقيق الرئيس… بلا منصب رسمي

حازم الشرع، شقيق الرئيس وأحد أركان اللجنة، لا يحمل أي منصب حكومي معلن، لكنّه يقود عملية إعادة هيكلة الاقتصاد، وأشرف على إنشاء صندوق سيادي وصندوق تنمية باسم الرئاسة. شوهد إلى جانب الرئيس في لقاء رسمي مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في فبراير، دون أن يُذكر اسمه في البيان الرسمي.

الهيكلية الاقتصادية الجديدة: نسخة محدّثة من “المجموعة”

كشفت الوثائق أن اللجنة استعانت بعرض داخلي من عام 2021 يبيّن هيكلية “المجموعة” الاقتصادية التي أنشأها نظام الأسد تحت اسم “العهد – Al Ahed”. سيطرت اللجنة على نصف تلك الكيانات، وفقًا لتسجيلات شركات اطلعت عليها رويترز، مع تعديل رموزها واستبدال علم النظام القديم بالعلم الجديد.

تشمل هذه المشاريع:

  • قطاع النفط والطاقة البديلة
  • قطاع الاتصالات (مثل Syriatel)
  • السياحة والتعليم
  • الزراعة والعقارات
  • البنوك والتأمين
  • شركات الأمن والتكنولوجيا
  • قطاع الإعلام والمواصلات

الانتقال من “الشيخ” إلى “السيد”

في سعيها لإعادة التقديم الرسمي، أمرت القيادة اللجنة بتغيير تسمياتهم من “شيخ” إلى “سيد”، وارتداء البدلات الرسمية بدلًا من الكاكي، مع إبقاء الأسلحة بعيدة عن الأنظار. فالمشهد يتحول من “ثوار المساجد” إلى “رجال الأعمال النافذين”.

الغموض الدولي والقلق الشعبي

حذّر دبلوماسيون غربيون من أن وجود شخصيات غامضة تقود اقتصاد سوريا في الظل قد يعوق أي فرص استثمار حقيقية أو تطبيع دولي. كما عبّر كثير من السوريين عن امتعاضهم من عودة شخصيات مشبوهة تحت ستار “تسويات وطنية”، في وقتٍ تغيب فيه الشفافية والمساءلة.

أمّا الولايات المتحدة، التي رفعت مؤخرًا العقوبات تدريجيًا عن دمشق، فقد برّرت الخطوة بأنها “منح فرصة لسوريا نحو العظمة”، لكنها شددت على ضرورة تحقيق العدالة للجميع.

تحقيق رويترز يفتح ملفًا خطيرًا حول “الشرعية الاقتصادية” لسوريا ما بعد الأسد، حيث الاستبداد المالي ينتقل من يد إلى أخرى، لكن دون أن يغيّر جوهر السلطة ولا طرقها في السيطرة على البلاد.

المصدر
وكالة رويترز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

رادار سوريا