رادار سوريا – الدوحة
أكد الرئيس المؤقت أحمد الشرع أن سوريا تتجه بثبات نحو مرحلة من الاستقرار والانفتاح الإقليمي والدولي، بعد عقود من العزلة التي فرضتها سياسات النظام البائد. وفي حوار موسّع مع الصحفية كريستيان أمانبور على هامش مشاركته في منتدى الدوحة 2025، شدد الشرع على أن رفع العقوبات، ولا سيما قانون قيصر، يشكّل خطوة محورية في مسار التعافي الاقتصادي وإعادة بناء الدولة.
وأوضح الشرع أن سوريا استعادت خلال العام الماضي علاقاتها الإقليمية والدولية، متجاوزة مرحلة إعادة التواصل، ومؤكداً أن كل الخطوات التي اتخذتها الحكومة الانتقالية عززت الثقة الدولية وحدّدت مساراً سياسياً واضحاً لإعادة تموضع سوريا كدولة مستقرة وقادرة على لعب دور إقليمي فاعل. وأشار إلى أن البلاد تشهد تحسناً ملموساً على مستوى الخدمات والبنية التحتية والاقتصاد، مع ازدياد ساعات الكهرباء وتحسن بيئة الاستثمار، ما يعكس انتقال سوريا إلى مرحلة جديدة من النمو.
وفيما يتعلق بالملف الأمني، اتّهم الشرع إسرائيل بمحاولة الهروب من مسؤولية ما ترتكبه في غزة عبر تصدير الأزمات إلى دول المنطقة، قائلاً إن سوريا منذ التحرير أرسلت رسائل إيجابية لإرساء الاستقرار لكنها قوبلت بأكثر من ألف غارة و400 توغل إسرائيلي داخل الأراضي السورية. وأضاف أن دمشق تعمل مع القوى الدولية لدفع إسرائيل إلى الانسحاب من الأراضي التي احتلتها بعد 8 كانون الأول 2024، مؤكداً إجماعاً دولياً على ضرورة التزام تل أبيب باتفاق فضّ الاشتباك لعام 1974 بوصفه المرجعية المقبولة لدى مجلس الأمن والمجتمع الدولي.
وفي ردّه على المطالب الإسرائيلية بإقامة منطقة منزوعة السلاح في الجنوب، شدد الشرع على أن حماية أي منطقة حدودية لا يمكن أن تتحقق دون وجود الجيش السوري وقوات الأمن السورية، وأن البحث في صيغ بديلة عن اتفاق 1974 يشكل انزلاقاً نحو مسارات مجهولة. وأشار إلى أن سوريا ليست الجهة المعتدية، بل الطرف الذي يتعرض للهجمات، ما يجعل مطلب الانسحاب والالتزام بالاتفاقيات الدولية أولوية سورية مشروعة.
وحول المخاوف الداخلية لدى بعض المكونات في مرحلة ما بعد سقوط النظام السابق، أكد الشرع أن سوريا تشهد مشاركة واسعة من جميع المكونات وأن الشوارع السورية امتلأت بالملايين احتفالاً بالتحرر، ما يعكس الثقة الشعبية بالمسار الجديد. وأشار إلى أن الحكومة الانتقالية اتخذت خطوات واسعة لإزالة آثار الانقسامات التي عمّقها النظام السابق، من خلال العفو، وتشكيل لجان تقصي الحقائق، وإشراك مختلف الأطياف في الحكومة والمؤتمر الوطني، بعيداً عن المحاصصة.
كما تحدث الشرع عن مسار الإصلاح السياسي والدستوري، موضحاً أن الإعلان الدستوري المؤقت حدد صلاحيات واضحة للمرحلة الانتقالية، وأن السنوات الخمس المقبلة ستشهد إعداد دستور جديد وإصدار قوانين مفصلية، وصولاً إلى انتخابات تُجرى وفق أسس تضمن التمثيل الحقيقي للسوريين بعد معالجة الآثار الإدارية للحرب، بما في ذلك ضياع الوثائق الرسمية لملايين المواطنين.
وتطرّق الشرع إلى ملف الإرهاب، مؤكداً أن من يمارس العنف ضد المدنيين هو من يستحق توصيف “الإرهابي”، مشيراً إلى أن سوريا عانت من ممارسات النظام السابق وتنظيماته، وأن الجرائم المرتكبة في غزة والممارسات الإقليمية والدولية تظهر حجم الازدواجية في تعريف الإرهاب. وأكد أن الحكومة الانتقالية ماضية في ترسيخ حكم القانون ومحاسبة مرتكبي الجرائم، بما في ذلك التحقيقات الجارية في الساحل والسويداء.
وجدد الرئيس الشرع التأكيد على أن حقوق المرأة في سوريا محفوظة ومصانة، وأن الدولة ملتزمة بتمكينها وضمان مشاركتها الفاعلة في المؤسسات الحكومية والتشريعية.

توقيف الكاتب إياد شربجي يثير جدلاً واسعاً حول حرية التعبير والإجراءات القضائية في دمشق
الشرع في الذكرى الأولى للتحرير: السوريون أثبتوا أن النصر مجرد بداية لبناء الدولة الجديدة