المنتدى السوري للحوار الوطني يختتم أعماله في الرقة: نحو سوريا ديمقراطية تعددية

اختتم المنتدى السوري للحوار الوطني أعماله في مدينة الرقة، الذي نظّمه مركز روج آفا للدراسات تحت شعار “نحو سوريا حرة تعددية ديمقراطية”. وشهد المنتدى مشاركة واسعة من نخبة المثقفين والأكاديميين ورجال الدين والنساء والشباب والفنانين وممثلين عن مختلف مكونات المجتمع السوري، بهدف صياغة رؤية مشتركة حول مستقبل البلاد في ظل المرحلة الانتقالية التي تعيشها سوريا.
سلّط البيان الختامي للمنتدى الضوء على التحديات الاقتصادية والسياسية والأمنية المعقدة التي تواجهها المجتمعات السورية، مشيرًا إلى أن أكثر من ستين عامًا من الحكم الاستبدادي أدت إلى انهيار مؤسسات الدولة وتحويل سوريا إلى دولة فاشلة، رغم إرثها التاريخي العريق وغناها بالموارد. وأكد البيان أن سقوط منظومة الاستبداد لم يكن إلا نتيجة تضحيات القوى الوطنية السورية من مختلف المكونات والمناطق، ومع ذلك لا تزال البلاد تمر بمرحلة إرهاصات تشكيل نظام سياسي جديد، وسط غياب للثقة بين القوى الفاعلة في المشهد السوري.
ورغم أن السلطة الجديدة في دمشق أبدت إشارات انفتاح على الحوار الداخلي، إلا أن حالة من الشكوك والريبة لا تزال تسيطر على المشهد السياسي، حيث تهيمن الذهنية الإقصائية على العديد من الخطابات السياسية، وهو ما يُعقّد فرص التوافق الوطني الحقيقي. شدّد المشاركون في المنتدى على أهمية استكمال الحوار الوطني كأساس لإعادة بناء النظام السياسي في سوريا، مؤكدين أن أي حوار لا يرتكز على مبادئ ديمقراطية واضحة وتوافق وطني شامل لن ينجح، بل قد يؤدي إلى استمرار الأزمات. كما رفض البيان أي تدخلات أو إملاءات خارجية تهدف إلى إقصاء مكون معين أو تعزيز خطاب الكراهية، مشيرًا إلى أن قوة سوريا تكمن في تنوع مكوناتها، ما يستدعي اعتماد نموذج لامركزي في إدارة البلاد، باعتباره الضمانة لتحقيق السلام الداخلي ورفع العقوبات وتحقيق التعافي الاقتصادي.
وأكد البيان الختامي على عدة نقاط محورية، أبرزها:
-ضرورة تطبيق العدالة الانتقالية لمعالجة تداعيات الظلم الذي تعرض له السوريون منذ عقود، وضمان عودة آمنة وطوعية لجميع المهجّرين والنازحين إلى مناطقهم.
-التأكيد على أن الثروات الوطنية ملك لجميع السوريين، ويجب إدارتها وفق مبادئ العدالة لضمان التنمية والرفاهية في مختلف المناطق.
-أهمية الاعتراف بالهوية الوطنية الجامعة مع احترام الخصوصيات المحلية للمكونات المختلفة، مع إشراك الجميع في صياغة الدستور السوري الجديد.
-إقليم شمال وشرق سوريا له خصوصية سياسية واجتماعية وثقافية، ويجب أن يكون جزءًا فاعلًا في عملية بناء النظام السياسي والإداري والاقتصادي الجديد.
-تمكين المرأة في جميع المؤسسات الرسمية والمدنية، ورفض أي انتقاص من حقوقها في تولي المناصب السيادية.
-الدعوة إلى انسحاب جميع القوات الأجنبية من الأراضي السورية، وتشكيل جبهة وطنية ديمقراطية جامعة لكل السوريين.
-كما أعلن المنتدى عن تنظيم ندوات ومنتديات حوارية في مختلف المناطق السورية لمواصلة النقاش حول مستقبل البلاد، إلى جانب تعزيز دور منظمات المجتمع المدني والحركات الشبابية والنسوية في عملية التحول الديمقراطي.
اختُتم المنتدى بالتأكيد على أن المرحلة المقبلة تتطلب التوافق على عقد اجتماعي جديد بمشاركة كافة المكونات السياسية والاجتماعية، ليكون أساسًا لصياغة الدستور، معتبرًا أن أي مشروع سياسي لا يعكس إرادة السوريين جميعًا سيكون محكومًا بالفشل، وسيساهم في إطالة أمد الأزمة.