رادار سوريا – الحسكة
تواصل الولايات المتحدة تقليص وجودها العسكري في شمال شرق سوريا الذي تسيطر عليه الإدارة الذاتية الكردية، حيث ستقتصر القواعد الأمريكية على قاعدة واحدة قرب حقول رميلان النفطية، بحسب ما أفاد به مسؤولان تحدثا لموقع Al-Monitor دون كشف هويتهما. ويأتي هذا التوجه تماشياً مع خطة إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتقليص عدد القوات إلى أقل من 1000 جندي بحلول نهاية العام، مع دمج جميع العمليات في قاعدة واحدة بدلاً من ثماني قواعد كانت منتشرة في المنطقة، وفق ما أعلنه السفير الأميركي لدى تركيا ومبعوث سوريا، توم باراك، في مقابلة مع قناة “NTV” التركية الخاصة.
وفي تقرير نشرته وكالة Reuters يوم الثلاثاء، تم تأكيد انسحاب القوات الأمريكية من قاعدتي تل بيدر والوزير في محافظة الحسكة، وذلك بعد انسحابها في وقت سابق من قاعدتين في وادي الفرات ودير الزور، وهما منطقتان غنية بالنفط والغاز. وقد تعاونت القوات الأمريكية مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد) منذ عام 2014 لمحاربة تنظيم داعش، ووصل عدد القوات الخاصة الأميركية إلى نحو 2000 جندي قبل بدء الانسحاب.
وأكد مسؤول كردي سوري بارز أن القوات الأمريكية انسحبت أيضاً من قاعدة الشدادي، التي كانت كثيراً ما تتعرض لهجمات من قبل ميليشيات شيعية مدعومة من إيران، قبل أن تُجبر على مغادرة سوريا إثر الإطاحة بالرئيس السوري السابق بشار الأسد في كانون الأول/ديسمبر الماضي.
وتأتي وتيرة الانسحاب المتسارعة في ظل تصاعد الصراع بين إيران وإسرائيل، حيث أضحت القوات الأمريكية هدفاً محتملاً في حال قررت إيران أو وكلاؤها في العراق الانتقام من الضربات الإسرائيلية، التي طالت كبار القادة الأمنيين الإيرانيين وألحقت أضراراً كبيرة بمنشآتها النووية والنفطية. وبحسب المصادر التي تحدثت إلى Al-Monitor، فإن المخاطر التي تهدد القوات الأمريكية في سوريا والعراق تتزايد، خصوصاً في ظل الضغوط الإسرائيلية على واشنطن للمشاركة المباشرة في الحرب.
وأكّد السياسي الكردي البارز صالح مسلم، الذي يقطن في منطقة الوزير، لـAl-Monitor انسحاب القوات الأمريكية من تلك القاعدة قائلاً: “الأمريكيون غادروا”، مشيراً إلى أن القوات لا تزال موجودة في رميلان. يُذكر أن قاعدة الوزير كانت موقعاً رئيسياً لاستقبال الوفود الأجنبية من قبل كبار المسؤولين العسكريين والمدنيين في الإدارة الذاتية، كما كانت تُستخدم لإجراء مقابلات مع القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي.
وبحسب التقرير، فإن نحو ربع القوات الخاصة الأمريكية وجنود الحرس الوطني المنتشرين في شمال شرق سوريا قد انسحبوا خلال الشهر الماضي.
وقالت كارولين روز، مديرة برنامج “الثغرات الاستراتيجية” في معهد “نيو لاينز” بواشنطن، إن إدارة ترامب ماضية في خطة الانسحاب الكامل من سوريا والعراق بحلول نهاية عام 2026.
وعبّر مظلوم عبدي مراراً عن قلقه من أن يؤدي تقليص الوجود الأمريكي إلى عودة نشاط خلايا تنظيم داعش. ويقرّ المسؤولون الأكراد في أحاديثهم الخاصة بأن الوجود الأميركي منحهم هامشاً من المناورة أمام كل من تركيا والنظام السوري، وحتى أمام الحكومة المؤقتة برئاسة أحمد الشرع، القيادي السابق في تنظيم القاعدة والذي تبرأ لاحقاً من الجهادية. ورغم تراجع عدد القوات الأميركية، ترى مصادر مطلعة أن مجرد تمركزها في رميلان – نظراً لأهمية الموقع النفطي – كافٍ لمنح الأكراد نفوذاً استراتيجياً.
ومن الجدير بالذكر أن الإدارة الذاتية بدأت منذ شباط/فبراير الماضي بتزويد الحكومة المركزية في دمشق بالنفط القادم من رميلان ودير الزور.
ورغم الهجمات التركية السابقة على مناطق قسد واحتلال مساحات واسعة من أراضيها، إلا أن مبادرة جديدة أطلقتها حكومة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للتقارب مع حزب العمال الكردستاني (PKK) – الذي يخوض تمرداً ضد أنقرة منذ عام 1984 وترتبط به قسد – قد أسفرت عن انفراجة ملحوظة. وذكرت Al-Monitor أن تركيا تجري منذ العام الماضي محادثات سرية مع مسؤولين أكراد سوريين بارزين.