
رادار سوريا – واشنطن
في أقل من عام، تحوّل تحالف الرئيس الأميركي دونالد ترامب والملياردير التكنولوجي إيلون ماسك من صداقة حارّة إلى قطيعة علنية. ما بدأ كتحالف سياسي غير متوقع بعد محاولة اغتيال ترامب في يوليو 2024، انتهى في يونيو 2025 بسلسلة من الإهانات المتبادلة والتهديدات السياسية والاقتصادية.

من الشك إلى الدعم الكامل
قبل يوليو 2024، لم يكن ماسك معروفًا بتأييده العلني لترامب. في مقابلة عام 2015، أشار إلى أن حصول ترامب على ترشيح الحزب الجمهوري “لن يكون جيدًا”، وانتقد بعض سياساته. لكن موقفه تغير تدريجياً خلال إدارة بايدن، خاصة بعد استبعاد تسلا من قمة السيارات الكهربائية عام 2021، وانتقاده لسياسات التنوع والهجرة.
التحول الكبير حصل بعد محاولة اغتيال ترامب في بنسلفانيا، حيث أعلن ماسك دعمه الكامل له، وبدأ يظهر بشكل متكرر في حملاته الانتخابية، مستخدمًا منصته “إكس” للهجوم على خصوم ترامب وتعزيز فرصه في العودة إلى البيت الأبيض.
ضخ أموال ومناصب داخل البيت الأبيض
في خريف 2024، أصبح ماسك أكبر ممول لحملة ترامب الانتخابية، حيث أنفق أكثر من 290 مليون دولار لدعم ترامب والجمهوريين. وبعد فوز ترامب، عيّنه رئيسًا لمجلس استشاري جديد أطلق عليه “وزارة كفاءة الحكومة” (DOGE) إلى جانب فيفيك راماسوامي، بهدف تقليص حجم الحكومة الفيدرالية وتقليص الإنفاق.
رغم أن منصبه لم يكن وزاريًا رسميًا، إلا أن ماسك حضر اجتماعات مجلس الوزراء، وبدأ بتنفيذ سياسات تقشفية واسعة أثارت احتجاجات وتساؤلات قانونية، وتسببت في تسريح آلاف الموظفين الفيدراليين.
الخلافات الداخلية تتصاعد
بحلول مارس 2025، بدأت التوترات تظهر علنًا داخل إدارة ترامب، خصوصًا بعد أن اصطدم ماسك بعدد من الوزراء، أبرزهم وزير الخارجية ماركو روبيو ووزير النقل شون دافي. وبدأ ترامب بتعديل لهجته تجاه DOGE، مطالبًا باستخدام “المشرط” بدل “الفأس” في تقليص الموظفين، في إشارة إلى ضرورة تخفيف حدة تخفيضات ماسك.
رغم هذه التوترات، استمر ترامب في دعمه العلني لماسك، حتى عندما خسر المرشح الذي دعمه ماسك في انتخابات المحكمة العليا لولاية ويسكونسن في أبريل.
بداية النهاية: الخلاف حول قانون الإنفاق
في يونيو 2025، خرج ماسك عن الخط الرسمي، وهاجم قانون الإنفاق الضخم الذي دعمه ترامب، واصفًا إياه بأنه “وصمة عار”، ودعا الكونغرس إلى إسقاطه. ترامب ردّ بغضب، منتقدًا توقيت انتقاد ماسك، ومتهماً إياه بالأنانية وبالاهتمام بحوافز السيارات الكهربائية. ماسك صعّد من لهجته متهمًا ترامب بالتورط في “ملفات إبستين”، ودعا لعزله.
ردّ ترامب جاء سريعًا ومليئًا بالتهديدات، ملوّحًا بإلغاء العقود الفيدرالية مع شركات ماسك، وواصفًا إياه بـ”المجنون”. حتى أن ماسك هدّد بتعليق استخدام مركبة “دراجون” التابعة لسبيس إكس لنقل رواد الفضاء، قبل أن يتراجع لاحقًا.
محاولة ترميم العلاقة
في 6 يونيو، بدا أن هناك رغبة خجولة في التهدئة، حيث أيد ماسك دعوة رجل الأعمال بيل آكمان لإصلاح العلاقة بينه وبين ترامب. لكن ترامب، في مقابلة مع CNN، قال: “لن أتحدث إليه لبعض الوقت على ما أظن، لكنني أتمنى له الخير.”
رغم ذلك، يترك ترامب دائمًا باب المصالحة مفتوحًا، كما حدث مع شخصيات أخرى مثل روبيو. وما إذا كانت العلاقة بينه وبين ماسك ستعود إلى طبيعتها، يبقى أمرًا يحدده الوقت والمصالح السياسية القادمة.
