مستقبل حكومة أحمد الشرع: بين التحديات والطموحات

نور الحسين – كاتبة ومحللة سياسية
تشهد سوريا مرحلة جديدة بعد سقوط نظام بشار الأسد وصعود قيادة جديدة تمثلها السلطة برئاسة أحمد الشرع، المعروف باسم “الجولاني”، إلى جانب رئيس الحكومة محمد البشر. هذا التحول يثير تساؤلات كبرى حول مستقبل البلاد في ظل إدارة تجمع بين طموحات سياسية جديدة وتحديات داخلية وخارجية معقدة.
الإرث الذي ورثته السلطة الجديدة ثقيل للغاية, فمن جهة تعاني مؤسسات الدولة من التآكل والانهيار نتيجة عقود من الفساد وسوء الإدارة، ومن جهة أخرى تواجه البلاد أزمة اقتصادية خانقة انعكست على حياة المواطنين بشكل مأساوي. إعادة بناء هذه المؤسسات وتحقيق الاستقرار الاجتماعي سيكونان من أكبر التحديات أمام السلطة. أحمد الشرع، الذي يشغل حالياً منصب رئيس السلطة، يركز جهوده على تحقيق التوازن بين دوره السياسي كقائد للمرحلة الانتقالية وبين دوره كرجل يجسد التحول الجديد في المشهد السوري. الشرع أطلق مبادرات وطنية عديدة، مثل الدعوة إلى حوار وطني شامل وإطلاق لجنة لصياغة دستور جديد تضم مختلف مكونات المجتمع السوري. من جانبه، يتولى رئيس الحكومة محمد البشر مسؤوليات كبرى في إدارة ملفات الاقتصاد والخدمات العامة. البشر يقود جهوداً حثيثة لإعادة إعمار البنية التحتية واستقطاب الاستثمارات الأجنبية، خصوصاً من الدول الخليجية التي بدأت بإبداء اهتمام متزايد بالشراكة مع الحكومة السورية الجديدة، لا سيما في قطاعات الطاقة والكهرباء.
على المستوى الإقليمي، تمثل تركيا الحليف الأول لهذه الإدارة، حيث تقدم دعماً كبيراً على المستويات السياسية والاقتصادية والأمنية. ترى أنقرة في الإدارة الجديدة شريكاً استراتيجياً في تحقيق أهدافها الإقليمية، وتعمل على تعزيز علاقتها مع السلطة لضمان استقرار المناطق الحدودية وتحقيق توازن في القوى في المنطقة. في المقابل، لا تزال السلطة تواجه تحديات كبرى على الصعيد الدولي، حيث تسعى للحصول على اعتراف دولي أوسع ودعم سياسي واقتصادي من الدول الغربية. أحمد الشرع شدد في تصريحات سابقة على أهمية رفع العقوبات المفروضة على سوريا باعتبارها مفتاحاً لاستقرار البلاد، مشيراً إلى أن هذه العقوبات لم تعد تخدم مصلحة الشعب السوري.
مستقبل سوريا في ظل قيادة أحمد الشرع ومحمد البشر يعتمد على مدى قدرة هذه الإدارة على تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي، وبناء شراكات دولية تساهم في دعم عملية إعادة الإعمار، وتوحيد صفوف السوريين تحت رؤية وطنية جامعة. نجاح هذه المرحلة قد يعيد لسوريا دورها الريادي في المنطقة، بينما الإخفاق قد يعيدها إلى حالة عدم الاستقرار التي عانت منها لسنوات. الأيام القادمة ستكون حاسمة في رسم معالم المستقبل.