الجنرال مظلوم كوباني: اتفاق تقاسم السلطة في حلب قد يشكّل نموذجًا لسوريا بأكملها
بقلم: أمبرين زمان | المونيتور | 12 نيسان 2025
شمال شرق سوريا — في أول مقابلة له منذ توقيع الاتفاق التاريخي مع الرئيس المؤقت أحمد الشرع، يتحدث القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، مظلوم كوباني، عن علاقاته مع الحكومة الانتقالية في دمشق، مستقبل الوجود العسكري الأميركي في المنطقة، والأجواء الجديدة من الاستقرار في ظل التهدئة المتنامية مع تركيا.
نُشر في 12 نيسان 2025 – أمبرين زمان – المونيتور
الموقع: شمال شرق سوريا
شهدت سوريا تغيرات جذرية منذ الإطاحة بنظام الأسد في 8 كانون الأول الماضي، وتشكيل حكومة انتقالية بقيادة أحمد الشرع، الذي كان حتى وقت قريب يقود فصيل هيئة تحرير الشام. خلال الأشهر الأربعة الماضية، طرح الشرع مشروع دستور جديد، وشكّل حكومة جديدة، لكن الكثير من السوريين يرون أن هذه الخطوات لا ترقى إلى وعوده ببناء سوريا ديمقراطية شاملة وعادلة. كما أن موجة العنف المروعة التي اجتاحت الساحل العلوي مؤخرًا عززت المخاوف من احتمال انزلاق البلاد مجددًا إلى صراع داخلي.
لكن ما شكل مفاجأة حقيقية هو توقيع اتفاق في 10 آذار بين الشرع والجنرال مظلوم كوباني، قائد قوات سوريا الديمقراطية، ينص على دمج المؤسسات المدنية والعسكرية الكردية ضمن هيكل الدولة السورية. ويرى مراقبون أن مثل هذا الاتفاق ما كان ليحدث دون ضوء أخضر من تركيا، الحليف الوثيق للشرع.
توقف الغارات التركية وتراجع الاشتباكات
منذ توقيع الاتفاق، توقفت الغارات التركية على مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، كما خفّت الاشتباكات بين هذه القوات والفصائل المدعومة من أنقرة، خصوصًا في محيط سد تشرين. وقد مهد هذا الهدوء الطريق لاتفاق بشأن إدارة السد، الذي بات يخضع لتنسيق مباشر بين دمشق وقسد.
في مقابلة امتدت لساعتين في أحد المقار العسكرية شمال شرق سوريا بتاريخ 8 نيسان، تحدث كوباني بلغة دقيقة ومدروسة إلى “المونيتور”، واستعرض تفاصيل المشهد الحالي:
المونيتور: لنبدأ بالاتفاق الذي تم توقيعه بشأن انسحاب وحدات حماية الشعب من حي الشيخ مقصود في حلب. كيف تنظرون إلى هذا التطور؟
كوباني: هذه خطوة مهمة جدًا، لكنها تبقى مؤقتة حتى يتم ترسيخها في الدستور القادم. نُصرّ على أن يُدرج هذا النموذج في الدستور كضمانة. ما نريده هو إدارة محلية، وهذا مطروح للنقاش مع دمشق. بعض الأحزاب الكردية تطالب بالفيدرالية، وسيُعقد مؤتمر حوار وطني قريبًا لصياغة رؤية سياسية مشتركة.
ما اتفقنا عليه في الشيخ مقصود يُعدّ مهمًا أمنيًا وإنسانيًا. كان الحي تحت حصار، والوضع متوتر مع فصائل الجيش الوطني. بموجب الاتفاق، تتولى قوات الأمن الداخلي مهام الأمن بالتنسيق مع الأمن العام السوري، وستتم عمليات تبادل للأسرى وإخلاء السجون، مع وقف كامل للاعتقالات. المدارس والبلديات ستبقى تعمل، وهذا يخدم السكان، ويمنح الحكومة الانتقالية صورة إيجابية بأنها “تحل مشاكل الناس”. هذا تطبيع فعلي لحلب.
المونيتور: وماذا عن سد تشرين؟
كوباني: هناك اتفاق من شقين. الأول: إدارة السد ستبقى كما هي حاليًا، بكوادرها نفسها لحين التوصل إلى اتفاق نهائي. الثاني: انسحاب قواتنا شرقًا وتسليم المواقع المحيطة إلى القوات الحكومية لتكون حاجزًا بيننا وبين فصائل الجيش الوطني، وتحديدًا قرب منبج.
المونيتور: هل ترى أن الحوار الجاري بين عبدالله أوجلان والحكومة التركية ساهم في خفض التوتر؟
كوباني: نعم، وقد انعكس إيجابيًا على منطقتنا. أوجلان دعا إلى حل سلمي، ونحن نؤيد ذلك. لكنه أشار إلى أن تركيا يجب أن تبادر بخطوات لبناء الثقة، كإنهاء عزله وإقرار قوانين تدعم العملية. وفد من حزب الشعوب الديمقراطي سيلتقي أردوغان قريبًا، ونأمل بتحرك ملموس.
المونيتور: تلقّيتم رسالة من أوجلان. ماذا كانت مضامينها؟
كوباني: كانت رسالة عامة ومشجعة، تحثّنا على العمل ضمن أجندة سورية شاملة. كتبها بالتركية، ورددنا عليها بالعربية ثم تُرجمت إلى التركية. أعتقد أنها ساهمت في تهدئة الوضع.
المونيتور: هل تواصلتم مباشرة مع تركيا؟
كوباني: هناك تواصل، لكنه غير مباشر.
المونيتور: حدثت لقاءات لافتة مؤخرًا، أبرزها مع مسعود بارزاني. كيف تصف اللقاء؟
كوباني: كان لقاء تاريخيًا في ظل تطورات مهمة بسوريا، والحوار في إمرالي ساهم في تهيئة الأجواء. بارزاني أكد أهمية وحدة الصف الكردي، وأبدى استعداده لدعم علاقتنا مع دمشق. تحدثنا عن دور قوات البيشمركة في الدفاع عن كوباني سابقًا، وعن والده ملا مصطفى بارزاني. اللقاء كان إيجابيًا للغاية.
المونيتور: كيف كانت أجواء لقائكم مع الرئيس المؤقت أحمد الشرع؟
كوباني: كانت ودّية ومحترمة. استُقبلنا رسميًا، وخاطبني الشرع بلقبي الرسمي.
المونيتور: هل كان هناك وجود أميركي في اللقاء؟
كوباني: لا. الأميركيون لم يشاركوا بالمحادثات، لكنهم سهّلوا وصولنا إلى دمشق. وهم يدعمون الاتفاق عمومًا لأنه يحقق الاستقرار ويمنع صدامًا بيننا وبين تركيا أو الحكومة المؤقتة، الأمر الذي قد يعيد ظهور داعش.
المونيتور: ما الذي تم بشأن اللجان المنبثقة عن الاتفاق؟
كوباني: شُكّلت لجنة حوار لتنفيذ الاتفاق، وسيتبعها لجان متخصصة، مثل التعليم. القضية العاجلة الآن هي الاعتراف بشهادات الطلاب في مناطقنا، خاصة مع اقتراب الامتحانات الجامعية في حزيران. نعمل على ضمان أن يُعامل طلابنا أسوة ببقية الطلاب السوريين.
المونيتور: وماذا عن اللغة الكردية؟
كوباني: لم تُدرج في الدستور المؤقت، وهذا مخيب للآمال. لكنها غير مرفوضة مبدئيًا.
المونيتور: ما أولوياتكم الآن؟
كوباني: اللجنة الدستورية. ما طُرح في الدستور المؤقت يتناقض مع روح اتفاقنا، وعلينا وضع دستور جديد وعادل لكل السوريين. لا نريد تمركز السلطة في دمشق فقط. ونريد أن تبقى قوات قسد ككيان مميز داخل الجيش الوطني الجديد.
المونيتور: هل سيبقى المكون العربي ضمن قسد؟
كوباني: نعم، وهم جزء أساسي، ويرغبون في البقاء.
المونيتور: هل الشرع يرحب بذلك؟
كوباني: لم يُبدِ اعتراضًا.
المونيتور: هل العنف في الساحل دفعكم لتوقيع الاتفاق؟
كوباني: بالعكس، الاتفاق ساعد على وقف المجازر هناك. وأؤكد أن الطائفة العلوية جزء أساسي من سوريا، ويجب أن تُمثّل بعدالة في المستقبل.
المونيتور: هل تم إبلاغ تركيا بتفاصيل الاتفاق؟
كوباني: لا، صغنا نص الاتفاق خلف أبواب مغلقة. ولم يكن أحد مطّلعًا عليه مسبقًا.
المونيتور: يُقال إن ضغوط إسرائيل دفعت تركيا لتعديل موقفها.
كوباني: ربما، فتركيا وديمشق تأخذان إسرائيل على محمل الجد. وكان لافتًا تصريح وزير الخارجية التركي بعدم الرغبة بالتصعيد مع إسرائيل بشأن سوريا.
المونيتور: هل طلب منكم الشرع تسليم مناطق عربية كالرقة ودير الزور؟
كوباني: نعم، لكن هذا ليس أولوية حالية. الأولوية الآن هي دمج مؤسساتنا بالدولة.
المونيتور: هل سيُرسل موظفون حكوميون إلى مناطقكم؟
كوباني: نعم، والعكس أيضًا. يمكن لقادة قسد شغل مناصب في هيئة الأركان السورية بعد الاتفاق.
المونيتور: هل ناقشتم مسألة إسرائيل مع الشرع؟
كوباني: لا. موقفنا أننا نريد علاقات سلمية مع جميع الجيران، دون اعتداءات، ومع احترام السيادة المتبادلة.
المونيتور: وماذا عن تركيا؟
كوباني: تم نقل مخاوفها المعروفة، وتؤخذ على محمل الجد.
المونيتور: هل يرفض الشرع النفوذ التركي المتزايد؟
كوباني: لم يُطرح هذا تحديدًا، لكن تم التعبير عن الانزعاج من ممارسات بعض الفصائل المدعومة من تركيا، وهناك نية لدمجهم تدريجيًا ضمن النظام العام.
المونيتور: هل ناقشتم ما حصل في اللاذقية؟
كوباني: نعم، وأعربنا عن قلقنا، وطالبنا بتحقيق شفاف ومحاسبة الجناة. النظام أبلغنا أن قواته تعرضت لهجوم من بقايا النظام السابق، ما أدى إلى تدخل أمني واسع، وارتكبت فصائل غير منضبطة أعمالًا انتقامية.
المونيتور: هل طلب الشرع مساعدتكم في التواصل مع الأميركيين؟
كوباني: أشار إلى إمكانية العمل المشترك لبناء مستقبل قوي، ونحن قلنا إننا مستعدون للمساعدة في بناء جسر مع واشنطن.
المونيتور: هل التعاون ضروري ضد داعش؟
كوباني: نعم، وهم حريصون على التعاون معنا. طرحنا موضوع إعادة السوريين من مخيم الهول، خصوصًا النساء والأطفال، ونأمل أن يتم تشكيل وفد رسمي لتقييم الوضع.
المونيتور: هل الأميركيون يشجعون هذا التعاون؟
كوباني: بالتأكيد.
المونيتور: هل تريدون بقاء القوات الأميركية؟
كوباني: نعم، ولو بأعداد أقل. لكن القرار يعود لإدارة ترامب. من الواضح أن السياسة الأميركية تراعي مصالح إسرائيل، التي بدورها ترغب ببقاء القوات الأميركية.
المونيتور: وهل الحكومة الانتقالية تريد بقاء الأميركيين؟
كوباني: يريدون علاقات معهم، لكن واشنطن لا تزال على مسافة.
المونيتور: داعش كان هادئًا مؤخرًا، ما تفسيرك؟
كوباني: الفراغ الأمني ساعده على التوسع، وهو يتغلغل الآن في مدن كبرى كدمشق وحمص وحماة. وهناك تخوف من حملاته الدعائية ضد هيئة تحرير الشام، مما قد يعزز من صفوفه.
المونيتور: هل لدى حزب الاتحاد الديمقراطي نية لفتح مكتب في دمشق؟
كوباني: حاليًا، يمثلنا مجلس سوريا الديمقراطية، ولدينا ممثل عسكري أيضًا في العاصمة.
المونيتور: وماذا عن النفط؟
كوباني: نساعد دمشق حاليًا في تلبية احتياجاتها، وستُعالج هذه المسألة عبر اللجان.
المونيتور: ماذا عن الروس في مطار القامشلي؟
كوباني: لا نعتقد أن الشرع يريد إخراجهم فورًا، لكنه يفضل توقيع اتفاق جديد معهم. فالروس وتركيا وهيئة تحرير الشام كانوا يتعاونون ضمن مسار أستانا.
المونيتور: إن استمرت العقوبات الأميركية، قد تتجه الحكومة نحو شراء السلاح الروسي؟
كوباني: منطقي. الجيش السوري كان يعتمد على روسيا، وما تبقى من معداته هو روسي الأصل.
المونيتور: هل وجود الروس في المطار يُقلقكم؟
كوباني: لا، وإعادة فتح المطار ستكون خطوة جيدة. هذا قرار يعود إلى اللجان المختصة.
https://www.al-monitor.com/originals/2025/04/syrian-kurd-commander-aleppo-power-sharing-deal-could-be-model-nation