هل هذه سوريا التي دافعنا عن حريّتها ؟ وهل طردنا الأسد حتى يأتينا الشرع بنفس الظلم و الاستبداد و ربما أكثر ؟

ريم بوقمرة – هذا ما قاله لي صديق سوري بنبرة فيها الكثير من الغضب و الاستنكار لما شهده الساحل السوري من استهداف لمدنيين عزّل ، أُخرجوا من بيوتهم و تمّ اعدامهم بدم بارد ، بحسب الصور و الفيديوهات و روايات الأقارب و الجيران ، و هذا ما يوضّحه التحقيق الداخلي الذي فتحته وزارة الدفاع بحسب مصادر مقرّبة … و لكن اسمحوا لي أن أروي عليكم القصة من البداية كما عشتها أنا … عندما توجهنا إلى سوريا ذات عاشر من ديسمبر من سنة 2024 مع فريق من الزملاء بقناة العربية ، كنت متوجّسة قليلا رغم اني غطّيت أماكن ساخنة من قبل ابتداءا من الثورة في تونس إلى ليبيا وصولا إلى الانقلاب العسكري في النيجر ، لكن حال سوريا كان مختلفا ، السؤال الذي لازمني طيلة الرحلة من دبي إلى عمّان جوا ، و منها إلى الحدود السورية عبر معبر نصيب برّا هو : هل حرب 13 سنة تغيّر الانسان و كيف ؟ هل طُبع الشعب السوري في الداخل بختم الحقد و العنف ؟ و لو ساءت الأمور كيف سنخرج ؟ و في الحقيقة ، و دون إطالة ، لم أكن سعيدة و مطمئنة منذ فترة في شغلي وتغطياتي كما كنت في دمشق ، كنت أتأمّل وجوه الجماهير في ساحة الأمويين حينما كانت تكتظ بالمئات أتوا من كل المحافظات و أراقب تصرفاتهم و كنت سعيدة لسعادتهم من كل قلبي ، و كنت أسأل ، كيف لهؤلاء الذين فقدوا من فقدوا و هُجروا و شُرّدوا أن يكونوا بهذه الطيبة و هذا التسامح .. و لأني بقيت في دمشق ما يقرب عن الشهر تقاسمت خلاله مشاعر السعادة و الأمل و لحظات الفخر الأولى لما تحقق … و كذلك لأني تعاملت عن قرب مع مسؤولين من الحكومة ، و شباب من ادلب تشرّفت بمعرفتهم، فتحوا لي أبواب التلفزيون السوري بكل حبّ وهيأوا لي كل ما يلزم ، و عشت معهم أوقات حلوة و أخرى صعبة ، ربّما سأتحدث عنها في تغريدات قادمة ، فاعتبرت نفسي منهم و حلمهم حلمي ، لذلك وجبت الصراحة بعين المحبّ البعيد عن الدوائر الضيقة : – أولا ، مقتل عشرات الشباب من الأمن و الدفاع في كمائن و اشتباكات مع فلول النظام ، هذه كارثة ، لأنهم لم يعودوا مقاتلين يتبعون مجموعة ( النصرة تقاتل داعش و الجيش الحرّ يقاتل لا أعلم أي فصيل )، هم اليوم جدار الدفاع الأول عن الوطن و كل مهمة يجب أن تكون مدروسة بدقة حتى لا يسقط هذا العدد من القتلى – سقوط العشرات من القتلى من الأطفال والنساء ، لم يكن على أيدي فلول النظام … هذا الوضع التاريخي الذي تعيشه سوريا يستوجب تصريحات شجاعة و صريحة تعترف بأن هناك انفلاتا لبعض الأفراد و الأخطر من ذلك لبعض الألوية … و هذا ما دفع وزارة الدفاع إلى فتح تحقيق في هذا الإطار بحسب بعض المصادر – الوحدة في سوريا لن تتمّ إلا باستيعاب كل الأطراف و الطوائف ( علويين و غير علويين ) ، و كل الفصائل ( قسد ليست المشكلة و قد تساعد في الحل أحب من أحب و كره من كره ) وحدة سوريا قبل أي اعتبار… التقسيم لم و لن يكون يوما الحل .. لا أحد يقبل أن يرى صور شباب من وزارة الدفاع يُقتلون في كمين غادر ولا يحزن … أو أن يسمع صرخة أم على أطفالها الذين تمّ اعدامهم بدم بارد و لا يحزن … و شيء ثاني ، ما الذي لازال يفعله الشيشان داخل سوريا ، أتذكر أننا لمّا التقينا مع السيد أحمد الشرع خلال تجمّع اعلامي مع الزملاء و الزميلات ، طرحت عليه السؤال بخصوص المقاتلين الأجانب و أعطيته بعض الأرقام ، أجابني بأن هناك مبالغة في هذه الأعداد و أنا أصدق ما يقوله الرئيس الشرع ….. و لذلك سيادة الرئيس ، من صدّقوك و آمنوا بك و لم يسألوك عن سنوات النصرة و القاعدة و ما قبلها ، و علّقوا كل آمالهم عليك و هم سندك اليوم …. لا تخذلهم لو سمحت …