إطلاق الهوية البصرية للجمهورية: الشرع يعلن القطيعة مع الاستبداد وسط غياب تام لممثلي شمال وشرق سوريا

رادار سوريا – دمشق
أطلق رئيس المرحلة الانتقالية أحمد الشرع الهوية البصرية الجديدة للجمهورية العربية السورية خلال احتفالية أُقيمت في قصر الشعب بدمشق، مؤكداً أنها تعبّر عن “سوريا الواحدة الموحدة”، وتُجسد بداية قطيعة مع “منظومة القهر والاستبداد”، وبداية لهوية وطنية جديدة تُعيد بناء ثقة الإنسان السوري بدولته.
لكن الإعلان الرسمي الذي طُرح وسط مراسم احتفالية، سُجّل عليه غياب كامل لأي ممثل عن المكونات القومية والدينية والإدارية في شمال وشرق سوريا، بما في ذلك المكون الكردي، والسرياني، والآشوري، واليزيدي، فضلاً عن غياب ممثلين عن المكون الدرزي والعلوي، ما طرح تساؤلات جدية حول شمولية هذه “الهوية الوطنية” المعلنة.
جدل حول التصميم: استلهام أوروبي بنَفَس سلطوي
الجدل الأوسع طال الشكل البصري نفسه، والذي تمثّل بطائر جارح اعتُبر تجسيدًا للعقاب، أحد الطيور الرمزية المستخدمة في ثقافات متعددة. وقد أُشير في التعليقات إلى أن الهوية الجديدة مستلهمة من رموز أوروبية حربية وتحديدًا ألمانية، ما أعاد للأذهان مقارنات غير مريحة بين الطابع البصري الجديد وبعض الرموز السلطوية في التاريخ الأوروبي، وبينها رموز نازية استخدمت ذات الشكل وبنية الجناحين.
الناشط مارسيل مشعل تمو، علّق بسخرية قائلاً:
“فمنهم من يرى أنها مستوحاة أو مسروقة من النسر الألماني… خضعت لتعديلات جينية، حيث أُضيفت بعض الظلال، ونُفش ريشه بالاستشوار، وتم الاعتناء به جيداً من حيث الخلفية.”
ورغم أن التبريرات الرسمية تتحدث عن استلهام ثقافي من تاريخ المشرق القديم وشخصيات مثل صلاح الدين الأيوبي، إلا أن التداخل الواضح في الشكل والخطوط بين التصميم الجديد وبين الرموز الغربية العسكرية ترك انطباعًا يفتقر إلى الأصالة، ويثير تساؤلات حول المرجعيات الثقافية التي تم اعتمادها.

وحدة رمزية دون شراكة فعلية
في خطابه، شدد الشرع على أن الهوية الجديدة “تجسّد سوريا الواحدة، الموحّدة بتنوعها”، داعيًا إلى التأسيس لعهد جديد يقوم على المواطن الفاعل والمؤسسات العادلة. لكن غياب ممثلي مكونات واسعة من الخارطة الوطنية، لا سيما تلك التي عانت الإقصاء طويلاً، عكس تناقضاً صارخاً بين مضمون الخطاب وواقع التمثيل في الفعالية الرسمية.
ويرى مراقبون أن إطلاق مثل هذه الهوية الرمزية، لا يكتسب مشروعيته ما لم يرافقه التزام فعلي بالشراكة الوطنية، وأن أي مشروع بصري أو شعاري يُفترض أن يكون نتاجاً لحوار شامل يعكس التعددية، لا انعكاساً لرؤية مركزية أحادية في مرحلة يُفترض أنها انتقالية نحو الدولة الديمقراطية.
وفي ظل غياب المساءلة والتشاركية، باتت الهوية الجديدة – بنظر البعض – محاولة لإعادة إنتاج الرمزية السلطوية بوسائل معاصرة، لا مشروعاً تأسيسياً جامعاً يعكس ملامح سوريا الجديدة كما يراها شعبها.