العريضي {{ليس هذا هو قدر السوريين}}

الدُّكتور يَحيى العَرِيضي – سِياسيّ وأَكادِيميّ سُوريّ
لن يكون قدر السوريين أن يحكمهم الطغيان حيناً، والإرهاب حيناً آخر. فما خرجوا بثورتهم ليبدّلوا قاتلاً بآخر، بل ليجتثّوا العبودية.واهمة هذه السلطة إذا كانت تريد من #السوريين أن يعتادوا القهر، أو أن يقبلوا بتحوّل رأس عصابة إلى حاكم شرعي. ربّما لا يدرك العابثون في التاريخ والجغرافيا أن ثورة المتجذّرين في سوريا شعلةٌ لا تنطفئ، وأن وعيهم التاريخي لا يُمحى.
حين صرّح #الجولاني عن “الانتقال من عقلية الثورة إلى عقلية الدولة”، كان من حيث لا يدري يقرّ بجريمة تُضاف إلى سجلّه المليء بالإجرام. لقد صدق القول، وكذب المعنى، فالثورة الحقيقية التي سرقها هي وحدها القادرة على بناء الدولة، لأنه بغيابها، يبني سلطة قائمة على الإرهاب و الإحرام؛ سلطةً تدار بالفساد، و تستمر بغياب القانون و بيع السيادة؛ فمن نشأ على منطق العصابة، و تغذّى على فكر الإرهاب، لا يمكن أن يكون مؤهلاً لبناء دولة. الدولة تُبنى بالعقد؛ لا بالغلبة؛ تُبنى بالقانون لا بالسلاح. و الشرعية تكتسب من الشعب، و ليس بالخوف.
رجل العصابة لا يؤمن بالمواطنة، بل بالولاء. و رجل الإرهاب لا يؤمن بالتعدد، بل بالقتل؛ فكيف لِمَن طعن الثورة في خاصرتها أن يتكلّم باسمها،وكيف لسفّاح أن يبني دولة؟ ليس في أفعال هكذا عصابة ما يدل على بناء دولة، فكل ما يمارسونه منذ استيلائهم على السلطة هو عملية ممنهجة لهدم ما تبقى من هذه الدولة.
•الدولة تقوم على المؤسسات،وهم يهدمونها
- الدولة تقوم على القانون، وهم يستبدلونه بأوامر التكفييرين.
- الدولة تُدار بالكفاءات، وهم يملأون مناصبها بالمحدودين و المقربين، و لو جهلة.
- الدولة تُبنى على انتماء و عقد اجتماعي، و هذه السلطة لم يبقَ رابطاً بين السوريين إلا و قطعته.
- الدولة تبنى على احترام السيادة، و هي مستعدة لبيع كل شبر من الجغرافيا مقابل بقائها في السلطة.
صار السوري يشتهي ميزة من ميزات الدولة، ليقول أنه يعيش بكرامته أو يحسّ بفرحة التحرير ذلك التحرير المزيّف الذي تصدّره قاتل تفوّق بإجرامه على سلفه، و أقسم أن يكمل مهمته.
لم يعد الأمن في سوريا سوى حلماً بعيدا المنال، فالسلاح لم يتبدّل إنما تبدّل حاملوه فقط؛ خطف يومي، و خوف متجدد، في بلد محكوم لعصابة قَتَلة حولته إلى حلبة مفتوحة للابتزاز و الموت.
استبدلت حواجز نظام الأسد التي امتهنت الاعتقال و الرشوى و الإذلال بحواجز جديدة تمتهن القتل على الهوية الطائفية، حتّى صار إفصاح السوري عن هويته الطائفية رعباً يومياً، يجعله رهينة لقتلة يقررون مصيره بلا محاسبة.
•وما كان فساداً سابقاً تحوّل إلى إرهابٍ يومي - و ما كان رشوةً و وابتزازاً صار دمًا و تهجيرًا،
- و ما كان تهديداً اقتصاديًا صار تهديدًا للبقاء
*** السوريون الذين خرجوا طلبًا للحرية
و الكرامة يجدون أنفسهم اليوم
محكومين لعصابة تدعي أنها دولة. - أي دولة هذه التي يعاد فيها بناء جيش طائفي ينفّذ أوامر سلطة الإرهاب؟!
- و أي دولة هذه التي يتسيّد فيها الأجانب على أبناء الأرض؟!
- أي دولة هذه التي يصبح فيها الأمي
و الجاهل ضابطاً و قائداً، فيما كفاءات الثورة و رجالات الدولة الحقيقيون مغيبون؟! - أي دولة هذه التي يوقّع فيها المقربون من الزعيم مشاريع اقتصادية تدرّ لهم الملايين، بينما يُكذب على الشعب باستثمارات وهمية، و يُعرض مستقبل البلاد على طاولات المصلحة الشخصية؟!
- أي دولة هذه التي تُفرض فيها الضرائب على مواطن لا يزال خارج بيته، محرومًا من لقمة عيشه، و يُعامل و كأنه مجرد رقمٍ في دفتر خزينة ممتلئة بالثروات التي لا يصل منها شيء له؟
- أي دولة هذه التي تتيح الأخذ بالثأر كقانونٍ فوق القانون، و تعيد تدوير رموز نظام الأسد بلا مساءلة، فتستمر دائرة القتل و الفساد
و كأن التاريخ لم يمر؟ - أي دولة هذه التي ترتكب المجازر و الإبادة الجماعية بحق أبنائها، و تحوّل الدم السوري إلى أداةٍ للسيطرة و الإرهاب، لا إلى حمايةٍ للناس أو دولةٍ قائمة على العدالة؟
إن ما يوجد في سوريا اليوم هو منطق العصابة. عصابة إرهاب ترضخ لإملاءات الخارج و تبيع السيادة مقابل بقائها لأطول مدة ممكنة في السلطة؛ آلة لإدارة الخوف
و تجارة الفوضى و سوق المصالح الخاصة. عصابة التقت مصالحها مع مصالح رموز نظام الأسد، فأعادت تدويرهم، و داست على جراح المعتقلين و الذين ماتوا تحت البراميل
تنويه: الآراء الواردة في هذا المقال تعود إلى كاتبها ولا تعبّر بالضرورة عن موقف منصة رادار سوريا أو توجهاتها التحريرية.




