تقرير خاص – انتهاكات موثقة بحق المسيحيين في سوريا (ديسمبر 2024 – سبتمبر 2025)

إعداد: سَالِي عُبَيْد – باحثة في شؤون الانتقال السياسي والعدالة الانتقالية

رادار سوريا – دمشق

خلفيّة عامّة وسياق الأحداث

شهدت سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد في 8 كانون الأول/ديسمبر 2024 مرحلة انتقالية اتسمت بالكثير من التحديات الأمنية والاجتماعية. وعلى الرغم من وعود السلطة الانتقالية بحماية الأقليات وضمان حقوقهم، إلا أن الأشهر شكّل سقوط نظام بشار الأسد في 8 كانون الأول/ديسمبر 2024 منعطفًا تاريخيًا في مسار سوريا بعد 13 عامًا من الصراع. ومع تولي السلطة الانتقالية زمام الحكم، برزت تطمينات رسمية حول حماية الأقليات وضمان حقوقهم، وفي مقدمتهم المكوّن المسيحي الذي لعب دورًا بارزًا في النسيج الاجتماعي السوري. غير أن الأشهر التالية حملت سلسلة انتهاكات خطيرة، توزعت بين هجمات مباشرة على الكنائس والمقدسات، وعمليات اغتيال وقتل، إلى جانب مضايقات وتحريض طائفي.
هذا التقرير يوثق – بالتسلسل الزمني – أبرز تلك الانتهاكات بين كانون الأول/ديسمبر 2024 وأيلول/سبتمبر 2025، استنادًا إلى شهادات محلية ومصادر حقوقية وإعلامية، مع محاولة تصنيف أنماط الاعتداءات ورصد آثارها على المجتمع المسيحي السوري.

كانون الأول/ديسمبر 2024 – بدايات الانتهاكات بعد سقوط النظام

كانون الثاني – آذار 2025 – تهديدات واغتيالات

نيسان – تموز 2025 – موجات نزوح وتصاعد العنف

آب – أيلول 2025 – الذروة الدموية

تشير الأحداث الموثقة خلال هذه الفترة إلى نمط متصاعد من الاستهداف المنهجي للمكوّن المسيحي، عبر:

  1. الهجمات على دور العبادة والرموز الدينية (حماة، القامشلي، حلب).
  2. الاغتيالات الفردية والقتل على الهوية (الياس ناصر، جورج يوسف، عائلة صمطة).
  3. التحريض والتهديدات المباشرة (منشورات في دمشق، شعارات في المدارس).
  4. التهجير القسري غير المباشر عبر موجات نزوح من ريف حلب.

رغم المبادرات المحدودة للسلطة الانتقالية – مثل إعلان الأعياد عطلة رسمية، وإرسال وفود لترميم الكنائس – إلا أن غياب المحاسبة الشفافة وعدم كشف هوية معظم الفاعلين عزز شعور الخوف لدى المسيحيين وعمّق انعدام الثقة.

يظهر من مجمل الوقائع أن المسيحيين في سوريا يواجهون تحديًا مضاعفًا في المرحلة الانتقالية: فهم من جهة جزء أصيل من المجتمع السوري، ومن جهة أخرى مستهدفون بهجمات تحمل طابعًا انتقاميًا وطائفيًا. إن استمرار هذه الانتهاكات دون ردع قانوني صارم يهدد بتقويض التنوع التاريخي لسوريا، ويضع على عاتق السلطة الانتقالية مسؤولية مباشرة لحماية المكوّنات كافة، وضمان أن تكون المصالحة الوطنية شاملة وحقيقية، لا مجرد وعود.

author avatar
سَالِي عُبَيْد - باحثة في شؤون الانتقال السياسي والعدالة الانتقالية
باحثةٌ سوريّةٌ في شُؤونِ الانتقالِ السياسيِّ والعَدالةِ الانتقاليةِ، وناشطةٌ في مَجالِ التوثيقِ الحُقوقيِّ. تَشغَلُ حاليًا مَنصِبَ الأمينِ العامِّ لِمُنظَّمةِ "أَناتْ للعَدالةِ وحُقوقِ الإنسان" في السويد. إلى جانِبِ مَسيرتها الحُقوقية، أَسَّسَت شَرِكتَيْنِ رِبحِيَّتَيْنِ في دبي، تَنشُطانِ في مجالاتِ التكنولوجيا، إنترنتِ الأشياء، والتقنياتِ الرياضية. تُمثّل سالي جيلًا جديدًا من الخُبراء الذينَ يَمزِجونَ بَينَ التحليلِ السياسيِّ العميقِ والخبرةِ التكنولوجيةِ المُتقدِّمة، معَ تركيزٍ خاصٍّ على قضايا ما بعدَ النِّزاعِ في السِّياقِ السُّوريِّ.
Exit mobile version